لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
تفسير سورة الحجرات من تفسير ابن كثير
15026 مشاهدة
التفسير بالمأثور وتفسير ابن كثير

من أحسن التفاسير تفسير ابن كثير رحمه الله؛ كان شافعي المذهب، ولكنه في العقيدة تأثر بابن تيمية ؛ وابن تيمية حنبلي المذهب؛ فلما تأثر به سلك مسلكه في باب الأسماء والصفات؛ قرأ عليه وقرأ كتبه، ويسمى حنبلي الشافعية؛ أنه شافعي ولكن كان يميل إلى الحنابلة؛ ولذلك اشتغل بمسند الإمام أحمد .
تجدون في تفسيره يذكر سياق الأحاديث عن مسند أحمد إذا جاء .. الأحاديث قال: الإمام أحمد حدثنا؛ ذكره باسم الإمام، ثم ينقل الأحاديث إن كانت في الصحيحين ينقلها بإسناد الإمام أحمد ولعله لأن الإمام أحمد شيخ البخاري ومسلم ولأن إسناده أقرب من إسناد البخاري فالبخاري يكون إسناده مثلا خمسة رجال أو ستة، ينقص الإمام أحمد برجل، كذلك أيضا لما كتب التاريخ كان يترجم للحنابلة، وأطال في ترجمة الإمام أحمد في تأريخه بما لم يبطل في غيره؛ مما يدل على مودته له.
يمر بنا في هذا التفسير أحاديث كثيرة؛ يستشهد بها؛ مما يدل أيضا على أنه رحمه الله كان متوغلا في حفظ الحديث، وكذلك في روايته ومحبته، يحب الأحاديث وينقلها بأسانيدها؛ مما يدل على سعة اطلاعه.
قد يلاحظ الذي يقرأ في تفسيره أنه كان يطيل في أول التفسير؛ يعني في سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة كان يطيل في الآيات، وأنه في الأخير لم يعد يطيل، وقد وعد في أماكن بذكر بعض الأحاديث، واختصرها؛ لما أتى على.. أظنه تفسير قوله تعالى: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ قال: وسنذكر الأحاديث التي تدل على إثبات الرؤية عند قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ولما جاء عند هذه الآية لم يذكرها؛ اعتذر بأنها قد تكررت.
صحيح أنه ذكرها في مواضع لمناسبات؛ فاختصر ذكرها، وقد ذكرها غيره من المحققين والعلماء الذين كتبوا فى ذلك رحمهم الله كابن القيم والحاصل أن تفسيره تفسير منقح منقى سالم من التأويلات، ومن أقوال المعتزلة والمبتدعة، سالم من التكلفات. قد ينقصه كثرة الاستنباط؛ أعني: الاستنباطات التي يذكرها بعض المفسرين؛ كأنه يرى عدم الحاجة إليها، وكذلك أيضا وجوه الدلالات، وكذلك إعجاز الآيات لا يشتغل بها غالبا؛ يذكر أحيانا الحكم التي لأجلها تتكرر بعض القصص وبعض الآيات، ولا يذكر ذلك دائما؛ فنحب أن نقرأ هذه السورة؛ ونقرأ منها ما تيسر، ونبين خلاصة ما يذكره ابن كثير رحمه الله.